تقديم مُحرر النسخة العربية لكتاب “مارتن لوثر”

الرجل الذي غيَّر تاريخ المسيحية

يُثبت التاريخ أن الكنيسة عاشت في العصور المُظلمة في ظلمة وموت لأكثر من ألف عام. وبكل حزنٍ وحسرةٍ وإندهاشٍ، كانت هي السبب الرئيسيّ للظلمة الحالكة آنذاك، وأيضاً الموت الروحيّ المُنتشر في كل العالم. وكما كان في القديم، عندما يرى الله أن شعب إسرائيل قد ضلَّ الطريق وغاص في وحل الخيانة والفساد والفسق والوثنيَّة، فكان يُبادر بإرسال أنبيائه لإعلان الحق وتحذير الدينونة للأمة الزانية، رأى الله في القرن السادس عشر أن الكنيسة تعيش في عداء كامل لصليب المسيح ووصاياه، فقام بإرسال “مارتن لوثر“.

نظر الله من السماء، وبكى على الإنسانيَّة نتيجة لما فعلته الكنيسة، فأرسل لوثر ليُنقذ الكنيسة من ظلام وخيانة وموت رُعاتها وأساقفتها – “كان شعبي خرافاً ضالة. قد أضلتهم رُعاتهم” إرميا 50 : 6 ، “يا شعبي مُرشدوك مُضِلُون ويبلعون طريق مسالكك” إشعياء 2 : 12 ، “رُعاة كثيرون أفسدوا كرمي داسوا نصيبي جعلوا نصيبي المُشتهى برية خربة” إرميا 12 : 10 ، “ويل لرُعاة اسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم. ألا يرعى الرُعاة الغنم” حزقيال 34 : 2.

لولا مارتن لوثر، أيُّها القارىء، لما كان بين يديك اليوم الكتاب المُقدس بلغتك. ذلك لأن كنيسة العصور الوسطى المُظلمة قامت بحجب كلمة الله عن الشعب، ورفضت طباعة الكتاب المُقدس وجعله مُتاحاً للإنسان المسيحي فيقرأه لنفسه. لقد اقترفت هذا الجُرم الأثيم في حق الله وحق البشر لتتسلط وتُهيمن على مصائر البشر. وبهذا أصبحت هذه الكنيسة بأساقفتها هي “الإله” في حياة العامة، ولذلك يكون التاريخ مُصحاً عندما أطلق عليها لقب “الكنيسة الوثنيَّة” مكرهة الرب.

لا يمكن أبداً للسماء أن تنسى ما فعله هؤلاء الرُعاة والأساقفة ورجال الدين من حرمان الشعب من أغلى وأثمن شيء في الحياة – كلمة الله. ولذلك أول شيء فعله لوثر هو ترجمة كل الكتاب المُقدس إلى اللغة الألمانية (لغة شعبه)، ووضعه مُباشرة في يد كل إنسان في بلده. ومن هنا بدأ ترجمة الكتاب المقدس إلى كل لغات العالم.

لذلك، فلا يمكن أن تخلوا سلسلة الكلاسيكيات المسيحية من كتاب لمارتن لوثر، بل كان يجدر بنا أن يكون أول كتاب يُترجَّم ويُصدر هو كتاب لهذا الرجل الذي غيَّر تاريخ المسيحية. مارتن لوثر هذا، الذي بمجيئه جعل مجيء مَنْ بعده مُمكناً، كل هؤلاء القديسين ورجال الله والكُتَّاب عمالقة المسيحية، والذين نحاول جاهدين أن نعرض كتاباتهم على القارىء المسيحي العربي.

نقول بهدوء وثبات ويقين، لولا مارتن لوثر، المُرسل مباشرة من الله ومن سماء السموات، لما كان كل هؤلاء.

د. سامي فوزي

مايو 2017