نبذة عن كتاب شهوات الخطية
لجون أوين
كتب “ﭽون أُوِين” عددًا من الأعمال المهمة في كل من اللاهوت التعبدي والعملي. وقد اخترنا الأعمال الثلاثة التي تؤلف هذا الكتاب من الفئة الأخيرة.
وكان أول عمل نـُشر من الأعمال الثلاثة هو “إماتة الخطية في المؤمنين” Of the Mortification of Sin in Believers(1656). وقد تألف من عظات جامعية قدمها “أُوِين” كل أسبوعين في جامعة أكسفورد أثناء عمله عميدًا لكلية “كرايست تشرتش” (1651- 1657) ونائبًا لرئيس جامعة أكسفورد.
وقد حث الأصدقاء “أُوِين” على نشر مادة مجموعة أخرى من العظات بعنوان “التجربة” Of Temptationسنة 1658. وفي هذه الأثناء كانت الانقسامات تـُفـَكـِّك حكم التطهيريين وتـُضعفه. وقد وقعت ثلاثة اضطرابات أدت لاسترداد العرش بعد عامين. وما دفع “أُوِين” لكتابة هذا المقال هو الحاجة للتقوى الشخصية في تلك الأيام.
أما المؤلـَّف الثالث الذي يقع تحت عنوان “طبيعة الخطية الساكنة وقوتها وخداعها وسطوتها” The Nature, Power, Deceit, and Prevalency of Indwelling Sinفقد كـُتِب سنة 1667 أثناء معاناة “أُوِين” وأصدقائه من قمع المنشقين عن كنيسة انجلترا.
وفي إحدى زيارات “أُوِين” لأكسفورد هرب بأعجوبة من القبض عليه والسجن. وأثناء “اختفائه عن الأنظار” قضى وقتـًا في كتابة هذا العمل وغيره.
ولا شك أن حقيقة الخطية الساكنة في المسيحيين الحقيقيين داهمت “أُوِين” بقناعة غامرة أثناء السنوات الأخيرة في حكومة الكومنولث. فقد قاوم طموحات “كروموِل” الشخصية في أن يتوَّج ملكـًا، وواجه الانقسامات والصراعات بين مواطنيه. ثم عاش بعدئذٍ ليرى آماله وآمال غيره في “كومنولث تقي” تتحطم. وهكذا تلاشت كل تطلعات “أُوِين” السياسية لأُمَّته كما تتلاشى فقاعات الصابون. ورأى بأُمّ عينيه أن الحقيقة الكامنة وراء كل هذا هي الخطية الساكنة في المسيحيين.
وقد نعيش نحن أيضًا حتى نختبر خيبة أمل كهذه بسبب إهمال كنائسنا لحقيقة سكنى الخطية في القلوب البشرية.
وتكشف هذه الأعمال الثلاثة فكرًا ثاقبًا يخترق أعماق القلب البشري بآلياته ودوافعه. ويتميز بحث “أُوِين” دائمًا بالشمول. ويتميز تواضعه بالقدرة على التمييز. ويتميز قبوله لسلطان الكتاب المقدس بالقوة.
كتابته
في هذه النسخة من أعماله الثلاثة التي أعيدت كتابتها واختـُصِرت نوعًا ما، حرصنا على الاحتفاظ ببصمة “ﭽون أُوِين” وأسلوبه. ولكنه يُعَبِّر عن أفكاره بأسلوب يميل إلى الصعوبة أكثر منه إلى البساطة. وأسلوبه اللغوي متأثر باللاتينية، ويتميز بالتكرار نظرًا لرغبته في استكشاف الموضوع تفصيليًا، وهو مربك في تعدد العناوين، والعناوين الفرعية، والنقاط الرئيسية والفرعية. وهذا ما يضفي زخرفـًا على كتاباته الأصلية غير المختصرة يزيدها تعقيدًا بحيث لا يمكن إلا لقارئ ذي همة استثنائية أن يشق طريقه عبر كتاباته.
وقد أعيدت كتابة النص من النسخة التي حررها “وليم هـ. جولد” William H. Goold من 1850 إلى 1853. والصلاحيات التي تعاملنا بها مع النص استرشدَتْ بالتوجه المبين في تلك النسخة.
أين نجد في الكتابات اللاهوتية التي تنتمي لعصره [عصر “أُوِين”] أو أي عصر آخر هذا الكم الغزير من كنوز التعلم المقدس عن فكر الله الذي قدَّمه بوضوح وتفصيل ودافع عنه بقوة لا تـُقهر، وأين نجد [مثل هذا] الفكر العميق الجاد؟ إن أعماله مثل تربة زاخرة حرفيًا بالذهب ومَنْ يَكِدّ فيها بصبر لابد أن يكافأ بأكوام من الذهب الخالص اللامع.
وإننا نأمل أن نكون قد تمكنـَّا من التخلص من بعض الأحجار والحصوات حتى نتيح للقارئ المعاصر التقاط الكثير من قطع الذهب النقي بمزيد من السرعة والتقدير.
ويرجح المحررون أنه يمكن تذوق عمل “أُوِين” بشكل أفضل إذا قرئ بصوت مسموع لأن “أُوِين” كان في الواقع واعظـًا أكثر منه كاتبًا. وهذا التمرين سيحيي كلماته ويوضح الحق الكامن في مقالاته.