“وعمل أيدينا ثبت علينا، وعمل أيدينا ثبته” مزمور 90:17
يحتاج الإنسان المسيحي الأصيل والأمين إلى عدة عناصر ووسائل لتساعده في تكوين علاقة صحيحة مع الله وللنمو في حياة القداسة. العنصر الأول والأساسي هو “كلمة الله” المُدونة في صفحات الكتاب المقدس. وبجانب هذا العنصر الأساسي هناك على الأقل عنصران آخران لا غني عنهما لحياة النضج والقداسة:
- عنصر التعليم الإلهي والمُعلم الممسوح بالروح القدس.
- عنصر الكلمة المقروءة في كتابات القديسين ورجال الله الأمناء عبر التاريخ، ذلك الميراث الغني الذي تركوه ليرشد منْ يأتي بعدهم في طريق النضج المسيحي وحياة القداسة والتكريس.
وعندما نتوقف بأمانة لنفحص الواقع الروحي المحيط بنا في بلدنا مصر وأيضاً في الشرق الأوسط نجد فقراً شديداً – بل شبة مجاعة – في عنصر التعليم الإلهي والمُعلم الممسوح من جهة، وعنصر الكلمة المقروءة المؤثرة من جهة أخرى. وهذا كله كان له تبعيات كارثية على الكنيسة وعلى هؤلاء المسيحيين الأمناء الذين يبحثون حقاً عن الله ويسعون لحياة القداسة والطهارة.
تحت ضغط هذا الفقر الشديد، وتحت إلحاح الاحتياج العميق للأمناء، جاءت فكرة هذا المشروع “مشروع ترجمة الكلاسيكيات المسيحية“. وهذه الكلاسيكيات هي تلك الكتب التي أثبتت رجاحتها اللاهوتية وعمقها الروحي وتأثيرها الفَّعال في بناء الحياة المسيحية الحقيقية والأصيلة، تلك الكتب التي أثبت التاريخ وشُهد لها من القدسيين عبر تاريخ الكنيسة أنها لعبت دوراً إلهياً أساسياً في هداية الإنسان المسيحي في بحثه عن الله وسعيه الحثيث لحياة البر والقداسة. في إيماننا المسيحي نحن نقف على أكتاف منْ سبقونا. وللأسف فإن مكتبتنا العربية تفتقر لهذه النوعية من الكتب المسيحية.
رؤيتنا في هذا المشروع
أن نجعل بعض من هذه الكتب في يد الإنسان المسيحي في مصر والشرق الأوسط. وعندما نفعل ذلك نكون قد ساهمنا بنعمة الله في سد ثغرة هامة في المجاعة التي نعيش فيها. فإيماننا أننا هنا في هذه الحياة، سنؤدي دوراً ثم نعبر وسيبقى المجد كله لله وحده. “فينبغي أن هذا يزيد…” وكل شخص فينا ينبغي أن ينقص… ينقص، فقد تُنسَى أسماءنا يوماً ولكن الله صاحب هذا العمل سيبقى اسمه إلى أبد الآبدين مُمجداً. “وعمل أيدينا ثبت علينا، وعمل أيدينا ثبته” مزمور 90:17
هدفنا في هذا المشروع
هو ترجمة ونشر وتوزيع خمس كتب سنوياً ولمدة عشرة أعوام. ونهدف أيضاً إلى أخذ الكتب وتوزيعها محلياً في اجتماعات الكنائس المختلفة والمؤتمرات. وبهذا نأخذ الكتاب إلى الإنسان المسيحي حيث هو ولا ننتظر فقط لأن يأتي ليبحث عنه. وخلال هذه السنوات العشر نكون قد أثرينا مكتبة الكنيسة العربية في مصر والشرق الأوسط بخمسين كتاباً من الكتب التي غيرت حياة القديسين عبر تاريخ الكنيسة. قد لا نستطيع أن نذهب لكل إنسان مسيحي يجوع ويعطش إلى البر، ولكننا نستطيع هذا إن كان بأيادينا كتاباً . فالكتاب يستطيع أن يتخطى الحواجز والمسافات ويصل لمنْ لا تستطيع أيادينا أن تصل له.
يحتاج هذا المشروع الكبير إلى دعم مادي ضخم، ليخرج إلى حيز التنفيذ. نتوقع أن تكون الميزانية المطلوبة سنوياً هي حوالي 200.000 جنية مصري (مائتان ألف جنيهاً مصرياً)، بواقع تقريباً 40.000 جنيهاً للكتاب الواحد (وهذا المبلغ يشمل توزيع الكتاب). فقد نكون أمام فرصة ذهبية ومسؤولية روحية وفكرية، لنساهم في خلاص وبناء وقداسة الإنسان المسيحي في مصر والشرق الأوسط.
وبهذا نكون قد أدينا دورنا أمام الله ليس فقط لجيلنا ولكن أيضاً للأجيال القادمة التي ستأتي بعدنا. ونكون قد اشتركنا مع الله في عمله الخلاصي وفي حصاده “لأن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون“.
د: سامي فوزي
أكتوبر 2012