معجزة “قفزة الإيمان”
العنوان الأصلي لهذا الكتاب هو، “إبراهيم – خليل الله”. لكني اخترت أن أضع له عنوان: “إبراهيم – معجزة قفزة الإيمان”، تكريماً لعملاق المسيحية في القرن التاسع عشر، سورين كيركجارد Soren Kierkegaard . فقد كتب كيركجارد كتاباً تاريخياً عن إيمان إبراهيم (عنوانه “خوف وإرتجاف” Fear & Trembling ). في هذا الكتاب، استعمل كيركجارد مصطلح “قفزة الإيمان” The Leap Of Faith للإشارة إلى صعوبة “خطوة الإيمان” التي اتخذها إبراهيم طوال حياته. إبراهيم هو التجسيد الأمثل لقفزة الإيمان. لقد أكّد كيركجارد أن هذه القفزة الإيمانية أشبه بقفزة في الظلام؛ ويؤكد الكتاب المقدس فكر كيركجارد عندما يقول، “فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي” (عبرانين 11 : 8) .
خطوة الإيمان هي قفزة مُخيفة، وكأنها قفزة في الظلام الدامس الغامض. إنها لا تعتمد على أية حسابات بشرية؛ ولا تعتمد على أية تخيلات أو تهيؤات أو تمنيات أو أحلام يقظة بشرية. إنها تعتمد فقط على كلمة الله.. على وعد الله.. على دعوة الله.. وعلى همسات الصوت المنخفض الخفيف لروح الله داخل الإنسان المدعو، المُبرَّر، المُقدَّس.
في هذه القفزة الإيمانية المُخيفة، يُطالِب الله الإنسان بدفع ثمنٍ غالٍ، ويُطالبه بتضحيةٍ غالية. لا توجد قفزة إيمانية بدون حمل الصليب. كان هذا هو المطلب الإلهي “المُخيف” من إبراهيم (طوال حياته)، وقد دفع إبراهيم بالتمام والكمال ثمن خطوة الإيمان. في تقديم إسحاق على المذبح، رشف إبراهيم كأس الإيمان الرهيب حتى آخر قطرة. لذلك فمنْ يقرأ قصة إبراهيم بدون ارتجاف ورهبة، لا يعي بعد معنى الإيمان، ورهبة قفزة الإيمان، واعتصاره اليومي.
فماذا عن أتباع إبراهيم؟ يقول الوحي المقدس، “ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه”. لن ينجو ولن يفلت إبن لإبراهيم من مُطالبة الله له “بالقفزة الإيمانية المُخيفة” – قفزة الإيمان المعجزية… فياللخوف وياللإرتجاف!
د. سامي فوزي