40- ما يجعلنا متقلبين وغير مستقرين هو إدراكنا أن مُتعنا ومسراتنا الحالية باطلة وزائفة، بينما نفشل أيضاً في إدراك أن المتع المفقودة هي أيضاً باطلة (73- 110)
41- إننا مخلوقات تعيسه بائسة حتى أننا نستطيع فقط أن نستمتع بشكل مثير إذ نرى الأمور تسير بصورة خاطئة. يمكن لهذا أن يحدث وهو يحدث بالفعل بالنسبة لآلاف الأشياء. أي إنسان وجد سر الفرح الحقيقي عندما تسير الأمور بطريقة جيدة، ولا يضطرب عندما تسير بصورة سيئة، سوف يفهم ما أقصد. لكن حياة الإنسان هي ضبابية مستمرة في الحركة (56-181).
42- أيضاً لو كانت حالتنا هي حالة السعادة الحقيقية، لما احتجنا أن نصرف انتباهنا عن التفكير فيها (70- 165) (الإنسان يحاول محاولات مستميته للهروب من التوقف و التفكير والتأمل فى حياته – المُحرر).
43- التملق والمداهنة يفسد كل شيء منذ شبابنا المبكر. (إذ يُقال لنا) “كلام جميل! عمل جيد! كم هو إنسان صالح!” وهكذا فإن أبناء مجتمعنا الذين لم تشجعهم الغيرة والكبرياء يصبحون غير مبالين (63-151). (يقصد الكاتب أن الدوافع للعمل و السعى والإتقان ليس عادةً دوافع باره نبيلة. إنها دوافع تبحث عن التفاخر والتباهى وإثبات الذات أمام البشر الآخرين، وحتى البشرالذين لا تحركهم دوافع التفاخروالتباهى، فهم لا يستطيعون امتلاك الدوافع البارة الإلهية النبيلة للعمل والإنجاز، ولذلك ينتهى بهم الأمرإلى حالة فكرية وعاطفية من اللامبالاة Indifference – المُحرر).
44- لذلك لابد للإنسان حقاً أن يعرف نفسه؛ حتى لو لم يساعده ذلك في العثور على الحقيقة، فإنه على الأقل يساعده على إدارة وقيادة حياته الشخصية. لا يوجد شيء أكثر أهمية من ذلك (72-66).
45- يخبرنا أيوب وسليمان أن المجتمع لا يجد طريقة أخرى لإشباع طمعه وشهوته بدون إيذاء الآخرين (74-454).
46- من المُخادع أن نفترض أننا مستحقون أن يحبنا الآخرون. كما أنه من غير المعقول أن يكون علينا أن نرغب في ذلك. لأنه إذا كنا قد ولدنا منطقيون وغير متحيزين، لدينا معرفة بأنفسنا وبالآخرين، لما كان لدينا هذا التحيز تجاه أنفسنا في إرادتنا الخاصة. لكننا وُلدنا بهذا التحيز، لذلك فقد وُلدنا منحرفين. كل شيء يميل تجاه نفسه، وهذا مناقض للنظام (للنظام الإلهى، ونظام الحياة كما صممه اللَه – المُحرر) (a421 -477).
47- كل إنسان يعمل لأجل نفسه، وبموته كل شيء يموت بالنسبة له. هذا هو السبب في أن كل منا يميل إلى التفكير في أنه كل شيء بالنسبة لكل إنسان. لكن لابد ألا نحكم على الطبيعة ببساطة من وجهة نظرنا نحن بل بحسب مقاييسها هي نفسها (668 – 457).
48- إن سمة الطبيعة البشرية هي أن يحب الفرد نفسه وأن يُراعي نفسه فقط. ولكن ما الذي يمكنها أن تفعله سوى ذلك؟ لا يمكن لهذه الطبيعة إلا أن يكون حبها متناقضاً وبائساً. فهي تريد أن تكون عظيمة ولكنها ترى أنها فقط وضيعة. إنها تريد أن تكون سعيدة، فتجد أنها تعيسة. تريد أن تكون كاملة وترى نفسها مليئة بالنقائص. تريد أن تكون موضوعاً لمحبة الآخرين وتقديرهم فترى أن أخطاءها تستحق فقط نفورهم واحتقارهم. إذ تجد نفسها في هذا المأزق، فإنها تستجيب بأكثر شهوة ظالمة وإجرامية يمكن تخيلها. هذا لأنها تحمل كراهية مميتة للحق الذي من شأنه أن يوبخها ويقنعها بأخطائها. فهي تحب أن تُبعد هذا الحق، وحيث أنها غير قادرة على تدميره، فإنها تكبته بقدر ما تستطيع في وعيها وفي وعي الآخرين. لذلك فإنها تأخذ كل الاحتياطات لكي تخفي أخطاءها الشخصية عن نفسها وعن الآخرين، ولا تستطيع أن تحتمل أن تتم الإشارة إليها أو حتى ملاحظتها.
بلا شك أنه شر أن تكون أيها الإنسان مملوءً بالأخطاء، ولكنه لا يزال شراً أعظم أن تكون مليئاً بالأخطاء ومع ذلك لا ترغب في الاعتراف بها، حيث أن هذا يؤدي إلى شر إضافي وهو خداع الذات المتعمد. إننا لا نريد أن يخدعنا الآخرون. لكن في نفس الوقت نحن لا نعتقد أنه من الصواب بالنسبة لهم أن يعتقدوا حسناً في أنفسهم أكثر مما يستحقون. لذلك فليس من الصواب كذلك أن نخدعهم أو أن نرغب في أن يقدرونا أكثر مما نستحق.
لذلك عندما يُظهرون فقط أن لديهم أخطاء وعادات سيئة نقوم بها نحن أيضاً، فإنه يكون من الواضح أنهم لا يصيبوننا بأي أذى، حيث أنهم غير مسئولين عن هذه الأخطاء والعادات. في الواقع أنهم يفعلون لنا خيراً بالمساعدة في إظهار أخطائهم وبذلك يمكنوننا من الهروب منها لو أننا فقط أدركنا ذلك. لذلك لا يجب علينا أن نتضايق من أنهم يعرفوننا ويحتقروننا بسبب أخطائنا، لأنه من الصحيح أنهم يجب أن يعرفونا كما نحن في الحقيقة ويحتقروننا إذا كنا بالحقيقة جديرين بالازدراء.
تنشأ مثل هذه المشاعر(أفكار ومشاعر الحق والبر اللذين يجب أن يتحلى بهما الإنسان – المُحرر) من قلب مليء بالاستقامة والعدل. وهكذا، ماذا يجب أن نقول عن أنفسنا، حيث أننا رأينا أنه يتم التعامل معها بطريقة مختلفة تماماً؟ ألسنا نميل إلى كراهية الحقيقة وأولئك الذين يخبروننا بها، ونحب بدلاً من ذلك أن يقوم الناس بخداعنا لصالحنا، ونريد أن يتم تقديرنا بواسطتهم على خلاف ما نحن عليه حقاً؟ ها هو دليل على هذا الاتجاه الذي يروّعني. لا تلزمنا كنيسة الروم الكاثوليكية بالكشف عن خطايانا دون تمييز لأي إنسان. بل تسمح لنا بأن نظل مخفيين عن كل الآخرين فيما عدا استثناء واحد، الذي تدعونا أن نكشف له أعماق قلوبنا ونظهر أنفسنا كما هي على حقيقتها. هذا هو الشخص الوحيد في العالم الذي تأمرنا بأن ننكشف أمامه ونتحرر من الوهم. إنها تضع عليه مسئولية الحفاظ على السر دون انتهاك حرمته، مما يعني أنه ربما أيضاً لا يمتلك معرفتنا التي لديه حقاً. هل يمكننا أن نتخيل أي شيء أكثر لطفاً وتساهلاً من هذا؟ ومع ذلك ها هو فساد الإنسان الذي يرى حتى هذا القانون قاسياً. ويُعتبر هذا واحد من الأسباب الرئيسية في أن جزء كبيراً من أوروبا قد تمرد على الكنيسة (باسكال كان عضواً فى الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية، ويتحدث هنا عن كاهن الاعتراف – المُحرر).
كم هو غير معقول وآثم قلب الإنسان حتى أنه يحتقر حتى الالتزام بالسلوك نحو شخص واحد بطريقة مستقيمة، وفي الواقع ألا يفعل ذلك لكل الناس! لأنه هل يمكننا حقاً أن نعتقد أنه من الصواب أن نخدع الآخرين؟
هذا النفور من الحقيقة يحدث على مستويات مختلفة، ولكنه يوجد فينا جميعاً بدرجة ما لأنه لا ينفصل عن “محبة الذات”. إن هذه الحساسية المخادعة هي التي تجعل أولئك الذين يجب أن يقوِّمونا يختارون مثل هذه الطرق والأساليب المنحرفة والمراوغة لكي يتجنبوا إزعاجنا وإهانتنا. فيكون عليهم أن يهوِّنوا من أخطائنا، ويتظاهروا أنهم يعذروننا، ويمزجوا ذلك بالمدح وعلامات المودة والتقدير. لكن حتى عندئذٍ، لا يزال مذاق هذا الدواء مراً بالنسبة لمحبة الذات، والتي تأخذ منه أقل قدر ممكن، ودائماً يكون ذلك باشمئزاز. في كثير من الأحيان يكون لديها أيضاً استياء خفي من أولئك الذين يعطونها هذا الدواء.
النتيجة هي أن أي إنسان يرغب في كسب ودنا سوف يتجنب تقديم هذه الخدمة لنا (خدمة مواجهتنا بحقيقة أنفسنا الآثمة المخادعة – المُحرر) ، إذ يعرف أنها لن تلقى الترحيب. فنحن نميل إلى أن تتم معاملتنا كما نرغب أن نُعامَل. وحيث أننا نكره الحقيقة فإنها تُمنَع عنا. بدلاً من ذلك، نحن نرغب في أن يتم تملقنا ولذلك فإننا نُتَمَلَّق؛ نحب أن يتم خداعنا، فيتم خداعنا.
هذا هو السبب في أننا كلما طلبنا مزيداً من الارتقاء على سلم الحظ والثراء، كلما أخذنا هذا السلم بعيداً عن الحقيقة، وهذا لأن الناس يصبحون أكثر حذراً في إغضاب أولئك الذين يرون في صداقتهم أكثر فائدة ويرون معاداتهم هي الأكثر خطورة. لذلك فإن الأمير قد يكون أكثر شخص مثاراً للسخرية ومع ذلك يكون هو الشخص الوحيد الذي لا يعلم هذا. فالإخبار بالحقيقة هو أمر مفيد للسامع ولكنه مؤذٍ إلى أولئك الذين يقولونها، لأنهم سيثيرون ضدهم هذه الكراهية. وهكذا فإن الذين يعيشون مع الأمراء يفضلون مصلحتهم الخاصة على مصلحة الأمير الذي يخدمونه؛ إذ ليست لديهم رغبة في أن يفيدوه على حساب إيذاء أنفسهم.
لا شك أن مأساة هذا الأمر تكون أعظم وأكثر شيوعاً بين أولئك الذين يكونون أكثر نجاحاً في الحياة، لكن متواضعي الحال أيضاً ليسوا معفيين من ذلك، لأننا جميعاً نهتم بصورة ما بأن يتم قبولنا.
لذلك فالحياة البشرية ليست إلا “وهماً مستمراً” Perpetual Illusion
لا يوجد إلا خداع وتملق متبادلين. لا أحد يتكلم عنا في حضورنا كما سيتكلم عنا في غيابنا.
فالعلاقات البشرية مبنية فقط على هذا الخداع المتبادل. عدد قليل من الصداقات يمكنه أن ينجو ويستمر إذا عرف كل واحد ما يقوله عنه صديقه من وراء ظهره، حتى إذا كان يتكلم بإخلاص وموضوعية.
لذلك فالإنسان ليس سوى مظهر كاذب، وزيف، ونفاق، سواء فيما يتعلق بالآخرين أو فيما يتعلق به هو نفسه. فهو لا يريد أن يخبره أحد بالحقيقة. كما أنه يتجنب إخبار الآخرين بها. كل هذه الميول، التي تبعد كثيراً عن العدل والصواب، مؤصَّلة بصورة طبيعية Naturally Rooted في قلب الإنسان نفسه (978 – 100).
49- “الذات خسيسة، قم بتغطيتها يا ميتون (دانيال ميتون Daniel Mitton، مقامر عالمي وصديق لباسكالPascal )، لكن هذا لا يعني أن الخِسَّة قد انتُزِعَت منهاً (حتى عند تغطيتها وإخفاء عورتها – المُحرر). فأنت لا تزال خسيساً.”
“ليس الأمر كذلك، لأنه عندما يكون المرء خدوماً ولطيفاً مع كل الناس كما نحن، فإننا لا نعطيهم أي سبب للاستياء.”
“نعم هذا صحيح بما فيه الكفاية، لو كان الشيء الوحيد الخسيس بشأن الذات هو البغض الذي تسببه لنا. لكن إذا كنتُ أكرهها بسبب أنها خاطئة، فإن هذا إذاً يجعلها محور كل شيء، وسوف أواصل كراهيتي لها.”
“باختصار، الذات لها سمتان: أنها ظالمة في حد ذاتها إذ تجعل نفسها محور كل شيء، كما أنها أيضاً مزعجة للآخرين من ناحية أنها تحاول أن تسيطر عليهم، لأن كل ذات هي عدوة لكل الذوات الأخرى وترغب لو أن تطغى عليها. يمكنك أن تزيل الإزعاج لكن ليس الظلم.”
“لذلك أنت لا تجعلها جذابة لأولئك الذين يكرهونها لكونها ظالمة. أنت فقط تجعلها مُرضية للظالمين الذين لم يعودوا يرونها كعدوة لهم. وهكذا تظل ظالماً، ويمكنك فقط أن تُسِر الأناس الظالمين” (597- 455).
50- يعرف ميتون Mitton جيداً أن الطبيعة البشرية منحرفة وفاسدة Corrupted وأن الناس يعارضون الكمال والاستقامة. ولكنه لا يفهم لماذا لا يستطيع البشر أن يتساموا عن هذا (642- 448).
51- حتى أفقر طفل ستجده يقول، “هذا كلبي، هذا هو مكاني تحت الشمس.” هذا هو أصل ومثال كيفية اغتصاب الإنسان كل شيء لنفسه (64- 295).